العنف في ضل الكورونا

وجهها الملون أجلسني على طاولة هذا العالم الذي تنخر فيه سوسة لا تتوقف من أكل ما يحتويه، كما تأكلها نفسيتها المنعدمة، هذه الكدمات في وجهها المبتسم زيفًا جعلني بحالة بؤسٍ لم أشعر بها من قبل.
 
إنها منسية في ركنٍ ما في البيت مُغلق الأبواب، مكتوبٌ على جسدها: " أنا متعبة و العنف يوجعني أكثر مما يتوجع العالم من الكورونا "
 
قد يغتالها زوجها بسوطٍ طويل، أو بآثار سيجارة، أو بكلمة تُسقط دموعها بكثرة، ولا زالت الأبواب مغلقة. 
 
على العالم أن يبدو صادقًا لتهرب إليه امرأة قتلوها مسبقًا بإسم الفضيحة العامة، أو بإسم إطاعة زوجها وكأنهم يجبروها على أن تكون عبدًا وليس شريكًا في حياتها الزوجية، أو خدمًا تحت رحمة أباها أو أخاها. 
 
هُنا، الكثير من النساء تشعر أنها عبءٌ على الحياة أكثر من كورونا الذي تسبب بحجرها مع الشخص الذي كانت تظنه سندًا حين تضيق بها الحياة،
 
البشرية كلها تحتاج الآن للتخلص من الوباء المنتشر لتعيد بناء الكوكب، لكنهم لا يعلمون أن مسامير بناءه تُدَس في روح النساء المعنفات. 
 
إن الوباء والعنف متشابهان جدًا؛ كلاهما يُنقص من عُمر هذه الحياة ويحصدان الأرواح بكثرة. 
 
ونشرة الأخبار مليئة بتعليمات الاحتياط من الكورونا لكنهم يخفون نشرة العنف المدسوسة بين حيطان المنازل، وكاميراتهم لا ترى ويلات المعنفات والكدمات على أجسادهم الضعيفة، لا يسمعون الضغط النفسي الذي يؤدي لانتحارهن أو قتلهن بجلطةٍ دماغية أو سكتةٍ قلبية. 
 
يهرب الأشخاص لمنازلهم قبل أن يحتل جسدهم فايروس، لكن أين تهرب النساء التي تُعنفهن منازلهن؟ 
 
ماذا تفعل المرأة الآن التي لا صوت لها يخرج من شرفات المنازل، ماذا ستشرح حين يسألها طفلها الغائب عن المدرسة لما لم تصرخي حين علق أبي المشانق لرقبتك، و كَبّل يديكِ لينهش جلدك؟
 
كيف ستداوي جرحها المفتوح أو تضع الجبس على قدمها المكسورة وليس هناك مشافي مفتوحة لغير مرضى الفايروس؟
 
كيف يعبر الرجل عن صورة تجمعه بامرأة رقيقة ثم يقوم بضربها لأنه مَلّ من الحجر المنزلي أو ضاق خلقه من عدم العمل!
 
ما أعلمه أن يومًا ما سينتهي الفايروس بحقنة دواء تنقذ الأجساد، لكني لا أعلم متى سيتم حقن العنف مادة سامة تقتله نهائيًا.